تابعنا على فايسبوك

الاثنين، 16 ديسمبر 2013

الإسلام معطلا

نشرت من طرف : بن دالي آمال  |  في  6:14 ص 6





    
    التاريخ الاسلامي تاريخ مزيف لانه يُروى لنا من زاوية واحدة، تلك الزاوية التي تنقيه من كل شائبة و من كل خطأ وتعرض أمامنا الصورة الإيجابية المبالغ فيها . 
   سررت كثيرا و انا اتنقل بين صفحات ، بل اسطر هذا الكتاب القيم ربما لأنه يوافق وجهة نظري وبالذات لأن كاتبه شخص حيادي يروي قصة الصعود والسقوط الإسلامي عبر  أربعة عشرة قرن  من وجهة تاريخية يحاول من خلالها تحليل أسباب التفوق والتركيز على أسباب الفشل الذي أودى بالأمة الإسلامية نحو مستنقع الجهل والانحطاط حتى يومنا هذا .
   فرّق الكاتب بين الإسلام كشريعة ودين سماوي وبين الممارسات السماوية وهذه نقطة إيجابية تشيد بإطلاع الكاتب الواسع على الإسلام كدين وحضارة خصوصاً أنه عايش التجربة الإسلامية . يقسّم الكاتب التاريخ الإسلامي إلى فترتين:
 الأولى : "مرحلة الانفتاح والتوثب" امتدت منذ القرن السابع الميلادي حتى الحادي عشر
 والثانية: "مرحلة الانغلاق والجمود" والتي امتدت منذ القرن الثاني عشر حتى سقوط الدولة العثمانية أو حتى يومنا هذا باعتبار أن حضارة الإسلام لا تتلخص بالجانب السياسي وحده .
   يعزو الكتاب أسباب الفشل نحو الأصولية الإسلامية التي بدأت تأخذ دوراً مركزياً في القرن الثاني عشر (والذي يعتبره قرناً مفصلياً ويذكره مراراً وتكراراً) , أخذت الأصولية العالم الإسلامي نحو الإنغلاق بعد ما شهده من انفتاح على الحضارات طوال 4 قرون كانت الدولة الإسلامية تتمتع فيها بالحرية الفكرية والدينية كما والثقافية خصوصاً وجود تنوع ثقافي تحت سقفها .
   انغلاق الأصولية بدأ يكبح كل هذه المركبات مؤدياً بذلك الى إتباع صيروري للشريعة الإسلامية الثابتة الراسخة الرافضة لكل نقد وتجديد (عقيدة كاملة متكاملة صالحة لكل مكان وزمان) مما أدى بها إلى وقوف حجر عثرة أمام العلم والفلسفة بدون أن تعي ذلك وأي وعي بوجود الكبح والظلم الذي تم ترسيخه طوال 8 قرون حتى يومنا هذا ... تستمر الأصولية في سيطرتها حتى يومنا هذا (لعدة عوامل تم تحليلها كذلك) مؤدية بذلك الى نفس الطريق نحو الهاوية معتقدة أن في طريقها هذا ستعيد الأمجاد للأمة الإسلامية رغم كل ما تواجهه من عطل وفشل .. يتردد كثيراً تساؤل الأردني صديق الكاتب ((هل يمكن أن نشق طريقنا إلى الحداثة دون أن نهلك ؟ )) - أي هل يمكن مجاراة التقدم العلمي والتقني من دون أن نتخلى عن الثقافة الصيرورية الشاملة لكل معاني الإنغلاق والجمود الفكري ؟؟ أعتقد أن ثمة تضارب يحدث بينهما , فبالإضافة الى نقد الماضي (الغير متوفر بعد بسبب التاريخ الإسلامي المزيف المعروض أمامنا) , لا بد كذلك من تنقية الحاضر من شوائب الماضي ..

الخلاصة:
يصرّ الكاتب فيما يبدو على أن السقوط الحضاري للمسلمين يبدأ منذ القرن الثاني عشر الميلادي حين كانت مصنفات ابن رشد طعماً للنار، وحين كان أبو حامد الغزالي عدوّه اللدود يشرف بنفسه على تلك العمليّة، ذلك النفس الأصولي، والذي يعتبره الكاتب،السبب الرئيسي الذي أودى بالحضارة الإسلاميّة إلى قعر الإنحطاط والجمود طغى بشكل قاتم على المشهد الثقافي والإجتماعي والسياسي. ولقذ ذكرت الأصوليّة، وذلك غريب على وجه العموم عشرات المرات في هذا الكتاب، إذ أنني استغربت، أن يكون هذا السبب سبب مركزي لسقوط حضارة ما، الكتاب جيّد وغني بالأسئلة البريئة، والتي دائماً ما طرحت في هذا الوضع الكئيب، والنكد للعالم العربي والإسلامي.

مقتطف من الكتاب:
يعيد هذا الكتابب طرح السؤال النهضوي:
لماذا تأخر المسلمون و تقدم غيرهم؟
لا يعيد الكاتب طرح السؤال إلا ليجيب عنه بجذرية لا تعرف المهادنة، فالاسلام لم يتخلف بعامل خارجي بل من داخله و بأيدي المسلمين انفسهم، لا إسلام الدين بل إسلام التفسير الديني، اذ ابتداء من نهاية القرن الخامس الهجري فرض تفسير بعينه للإسلام نفسه هو التفسير الاصولي. و الأصولية التي خنقت كل صوت آخر و عممت المنطق القائل بأن كل جديد بدعة، و بدعة أيضا كل دخيل يأتي المسلمين من الغير، هي التي أغلقت كل دوائر الإنفتاح التي عرفها الغسلام مع فلاسفته و علمائه و شعرائه، وقادت المسلمين إلى ليل الإنحطاط الطويل.
و في هذا الزمن الذي يبدو فيه العالم العربي و الإسلامي مهددا بالانكفاء نحو قرون وسطى جديدة يكتسب هذا الكتاب راهنية ساخنة.
 ــــــــــــــــ
 الكتاب جديربالقراءة  المتأنية، يمكنك الإطلاع عليه بعد تحميله من هنــــــا

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

هناك 6 تعليقات:

  1. ممتنٌ لك ِ لعرضك الرائع هنا ... شكرا ً ..

    ردحذف
  2. اسعدني مرورك اخي طارق، آمل ان اكون عند حسن ظن زائر مدونتي و أن افيد و استفيد.
    تحيتي و تقديري.
    دمت بمحبة وود.

    ردحذف
    الردود
    1. بارك الله فيك ِ , صفحتك الشخصية على الفيس أيضا ً جميلة :)

      حذف
    2. الله يخليك يا طارق. بوركت.

      حذف
  3. الموضوع جميل
    وفيه نقط صحيحة ونقط أنا مش مقتنع بيها لاسباب
    النقط الصحيحة ان الملمين دلوقتى بيسيئوا للإسلام اكتر من غير المسلمين
    وإنهم ناسين أن الدين المعامله ومعاكى ان فيه حقب فى التاريخ الإسلامى ممكن تكون فيها تزوير بعدم ذكر السلبيات
    وساعات القواعد الاصوليه بتتفهم غلط أو بتتفسر غلط من أجل هدف معين لمفسرها
    لكن مش معنى ده ان كل القواعد الاصوليه خاطئه وإن الدين يصلح لكل زمان ان ده خطا اى حاجه على وجه الارض مدام ملهاش أصل يبقى ملهاش فرع لكن المهم الفرع ده متجه لفين
    وماتقدش ان التاريخ الإسلامى فى صدر الإسلام اتزور لانه لو كان اتزور فعلا أكيد مكنش اتذكر الفتن الى حصلت فى العهود دى

    عرضك لمحتوى الكتاب جيد بس صدقينى صعب ان الإنسان يلاقى كتاب محايد فى علم الأديان
    تحياتى

    ردحذف
    الردود
    1. كم هو جميل أن تقرأ الرأي و الرأي المخالف، و الأجمل ان تتلقى الرأي المخالف بصدر رحب، دون حزازات و لا احكام مسبقة.
      اشكرك جزيل الشكر يا جمال على هذه القراءة، صدقني سعدت ايما سعادة.
      لك مني الف تحية.
      تقديري.

      حذف

back to top