تابعنا على فايسبوك

جميع المواضيع

السبت، 15 فبراير 2014



"عندما كنت طفلاً، رأيت الله،رأيت ملائكة،رأيت أسرار العالَمَين العلويّ والسفلي، ظننتُ أنَّ جميع الرجال رأوا ما رأيته، لكني سرعان ما أدركت أنهم لم يروا..."                                        شمس التبريزي.

******
بهذه العبارات، تستهلُّ أليف شافاق، الروائية التركية، روايتها "قواعد العشق الأربعون" التي عنونتها عنواناً فرعياً "رواية عن جلال الدين الرومي".
تتصدى أليف شافاق للصوفية، كتجربة فردية تنقل المرء إلى العشق الإلهي، حيث، يتماهى الصوفي في خالقه ويبدو أقرب إلى الأثير في خفته، فينبذ العالم بما فيه من شهوات...غير آبه بما يقوله الناس، ويفني نفسه من أجل الآخر.
وبهذا المعنى، تخلق أليف شافاق عالمين روائيين متداخلين، يختلفان عن بعضهما أشد الاختلاف، لكن التجربة الصوفية توحدهما، عالم إيلا وعزيز زاهار، مؤلف رواية "الكفر الحلو"، اللذين يعيشان في القرن الواحد والعشرين، وعالم جلال الدين الرومي وشمس التبريزي بطلا رواية "الكفر الحلو" اللذين عاشا قي القرن الثالث عشر، ما الذي يجمع بين هذين العالمين؟
تتناوب فصول الروايتين في الرواية نفسها بخفّة، وأليف شافاق روائية تتقن أدواتها، وتضبط روايتها بإحكام، وتظهر ثقافة رفيعة واطلاعاً واسعاً على ثقافات شرقية وغربية بما فيها التجارب الصوفية وفلسفتها، لكن السؤال الذي يخطر في بال القارئ: هل يمكن تفسير العالم وفهمه عن طريق التجربة الصوفية؟ هل بلغت أليف شافاق الإدهاش في الرواية؟
لم أستطع تلمُّس ذلك في هذا العمل الذي يمتدّ لخمسمئة صفحة، وإن كانت روايتها نموذجاً للرواية الأوروبية المتماسكة، متقنة الصنع، فالروائية تجيب عن الأسئلة كلها التي تتبادر إلى ذهن القارئ، لا مكان لأسئلة جديدة، ويمكن للقارئ أن يتبصر مستقبل الشخصيات والمآلات التي ستؤول إليها، تمسك بالقارئ وتسيّره وفقاً لقواعدها التي تجترحها.


توازي سيرة جلال الدين الرومي رجل الدين الوقور ذي النمط الكلاسيكي، على الرغم من توقه لتغيير حياته الراكدة التي تفتقد الإدهاش، إمام جامع وخطيب مفوّه ذو مريدين كُثر، سيرة إيلا المرأة الأميركية سيدة المطبخ، الزوجة الطيِّعة، التي تجهد نفسها في تأمين حاجات أولادها ورغبات زوجها الذي يخونها، وتتكتم على ذلك حرصاً على مؤسستها الزوجية، وهي، في ذلك كله، غافلة عن حياتها الشخصية.
بحيرتان
ما الذي عكّر صفو هاتين البحيرتين الراكدتين؟ ما الذي بعث الحركة من هذا السكون المطبق؟
كان ظهور شمس التبريزي هو الحجر الذي بعث الحركة في حياة جلال الدين الرومي، شمس الدرويش المتجول، والذي لا نعرف بالضبط لم بات متصوفاً، إذ لا تقدم الرواية شمساً إلا بوصفه درويشاً يتردد على حلقات التصوف. أثرى ظهور شمس حياة جلال الدين الرومي، كما أثرى حياة الآخرين، إذ نقل بعضهم إلى حياة أخرى، من مريض الجذام إلى السكير والمومسة التي غيرت مجرى حياتها عند التقائها شمساً، ونَقْلِ جلال الدين الرومي من الصورة النمطية لرجل الدين إلى رجل زاهد لا يهتم لأمر مريديه وأولاده وزوجته المسيحية التي هامت به، فبات يقضي معظم أوقاته في القراءة والتأمل بصحبة شمس، وكان أن تسببت علاقتهما بنبذ مجتمع جلال الدين الرومي له وكره مريديه لشمس ورغبتهم في التخلص منه.
وعلى الرغم من اختلافهم الشديد حين التقيا إلا أنه بمرور الوقت يتحدان في دائرة يصعب كسرها، وتنتهي العلاقة بمقتل شمس وبلوغ جلال الدين الرومي مكانة عالية في الشعر الصوفي.
ما الذي يحدو بشمس التبريزي لخوض هذه التجربة؟ هو الذي رأى موته ساعة دخوله قونية "مدينة جلال الدين"، أهو توق الفراشة للاحتراق بالنار؟ يموت شمس ويُكتَب الخلود لجلال الدين الرومي. وهل كان على جلال الدين الرومي أن يمرَّ بمحنة عظيمة، محنة انفضاض الناس عنه وفقد شمس كي يتحول إلى شاعر صوفي لا يُشقُّ له غبار؟
الأمر نفسه يتكرر مع عزيز، المصاب بمرض السرطان والذي يعرف أن نهايته وشيكة، بيد أن ذلك لم يمنعه من التعرف إلى إيلا وعشقه لها وإطلاعها على عالم الصوفية، فتنتهي تجربتهما بانعتاق إيلا من حياتها السابقة وبحثها عن حياة جديدة في مدينة لا تعرفها.
الصوفية في العصر الرقمي
ما الذي تريد أن تقوله الروائية وهي تنقل رواية جلال الدين الرومي إلى قرننا هذا؟ هل الصوفية تلك التجربة الفردية كفيلة بخلاص البشرية في هذا العالم المتغير وعصر الثورة الرقمية؟
حين تطلعنا بتساوق مذهل على حياة إيلا الرتيبة والتي تعصف بها الريح ما إن تقرأ رواية "الكفر الحلو" لعزيز زاهار، عزيز الذي مرّ بمحنة تلو أخرى، محنة موت زوجته ومن ثم إدمانه المخدرات، لينتهي عند عتبات الصوفية، عزيز الذي رأى أسوأ وأفضل ما في الإنسانية ولم يعد يفاجئه أمر، المنحاز للفقراء والمستضعفين، هو شمس إيلا التبريزي الذي أُلقي في بحيرتها الراكدة.
هل يمكن لكائنين مختلفين تفصل بينهما أميال شاسعة أن يلتقيا؟ بل أن يقعا في الحب، هذا ما حدث بالضبط بين إيلا وعزيز زاهار، عشق خلخل حياتها ودفعها باتجاه لا يتساوق مع حياتها التي عاشتها، تلتقي إيلا بعزيز لكنها لا تمارس الجنس معه، يتعرف جلال الدين الرومي إلى شمس فيهمل زوجته، يتزوج شمس الدين التبريزي كيميا مريدة جلال الدين الرومي ويعزف عن ممارسة الجنس معها، ما هو سؤال الجنس بالنسبة للمتصوفة؟ هل الجنس حرام؟ هل على المتصوفة إهمال الجسد والتفرغ لمحبة الله؟
قسمت أليف شافاق روايتها الرواية إلى خمسة أجزاء، تنضوي الأجزاء الأربعة الأولى على عناصر الوجود التي حددها سقراط: التراب "الأشياء التي تكون صلبة، متشربة، وساكنة"، والماء "الأشياء السائلة تتغير ولا يمكن التنبؤ بها"، والريح "الأشياء التي تتحرك، تتطور وتتحدى"، والنار "الأشياء التي تدمّر وتحطّم"، وتنتهي بجزء أسمته "العدم"، وأثر هذه العناصر على شخصيات الروايتين، وكأنما تنطوي الأكوان في كل شخصية من شخصيات الرواية، وفي هذا على ما أرى مصادرة للقارئ إذ يقع منذ اللحظة الأولى تحت تأثير العنوان فيحيل الأحداث إلى مكون من مكونات الوجود، وفي جزء "العدم" حين يُقتل شمس ويموت عزيز، تضعنا أمام فكرة البعث من الموت، وكأن موت المتصوف يخلق لمريديه حياة أخرى، يستمر من خلالهم، الحركة تولد من السكون وهي الفكرة التي لطالما ألحت عليها الروائية منذ بداية عملها.
لا شك أن رواية "قواعد العشق الأربعون" رواية ممتعة بما تحمله من سرد شيٌق للأحداث والتطورات التي يمرّ بها أشخاص الرواية وأفكار التسامح وعدم إطلاق الأحكام المسبقة على الآخرين، بل إن كل شخصية في الرواية بذاتها هي تجربة جديرة بالتأمل، لكن السؤال الذي ما فتئ يساورني: هل من الممكن لتجربة الصوفية الفردية أن تكون خلاصاً للبشرية في القرن الواحد والعشرين؟ وكم يحتاج المرء من قوة في هذا العصر ليخوض تجربته الصوفية التي تخصه وحده ويكون فيها خلاصه.



مقتطفات من قواعد العشق الأربعون:
القاعدة الاولي : إن الطريقة التي نري فيها الله ما هي الا انعكاس للطريق التي نري فيها انفسن فاذا لم يكن الله يجلب الي عقولنا الي الخوف والملامة , فهذا يعني أن قدرا كبيرا من الخوف والملامة يتدفق في نفوسنا ,اما اذا رأينا الله مفعما بالمحبة و الرحمة , فاننا نكون كذلك.

قاعدة أخري
إن الطريق الي الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس فأجعل قلبك لا عقلك دليللك الرئيسي...  واجه , تحد , وتغلب في نهاية المطاف علي " النفس " بقلبك،إن معرفتك بنفسك ستقودك الي معرفة الله.

قاعدة أخري 

يتكون الفكر و الحب من مواد مختلفة  فالفكر يربط البشر في عقد لكن الحب يذيب جميع العقد. 
إن الفكر حذر علي الدوام وهو يقول ناصحا "احذر الكثير من النشوة" بينما الحب يقول "لا تكترث أقدم علي هذه المجازفة" وفي حين أن الفكر لا يمكن ان يتلاشي بسهولة، فان الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركاما من تلقاء نفسه لكن الكنوز تتواري بين الانقاض
والقلب الكسير يخبئ كنوزا.

قاعدة أخري
الوحدة والخلوة شيئان مختلفان , فعندما تكون وحيدا من السهل أن تخدع نفسك ويخيل اليك انك تسير علي الطريق القويم ،أما الخلوة فهي أفضل لنا لانها تعني انك تكون وحدك من دون ان تشعر انك وحيد، لكن في نهاية الامر , من الافضل لك ان تبحث عن شخص، شخص يكون بمثابة مرآة لك،تذكر انك لا تستطيع أن تري نفسك حقا ,الا في قلب شخص آخر وبوجود الله في داخلك

قاعدة أخري
إن السعي وراء الحب يغيرنا فما من أحد يسعي وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب حتي تبدأ أن تتغير من الداخل والخارج.


هذه مقتطفات، وهي غيض من فيض، فبحر ابن الرومي لا ساحل له، وكتاب أليف شفاق جدير بالقراءة و التمعن، أنصحك بقراءته بشدة واضع لك رابطا للتحميل أدناه.





قواعد العشق الأربعون



"عندما كنت طفلاً، رأيت الله،رأيت ملائكة،رأيت أسرار العالَمَين العلويّ والسفلي، ظننتُ أنَّ جميع الرجال رأوا ما رأيته، لكني سرعان ما أدركت أنهم لم يروا..."                                        شمس التبريزي.

******
بهذه العبارات، تستهلُّ أليف شافاق، الروائية التركية، روايتها "قواعد العشق الأربعون" التي عنونتها عنواناً فرعياً "رواية عن جلال الدين الرومي".
تتصدى أليف شافاق للصوفية، كتجربة فردية تنقل المرء إلى العشق الإلهي، حيث، يتماهى الصوفي في خالقه ويبدو أقرب إلى الأثير في خفته، فينبذ العالم بما فيه من شهوات...غير آبه بما يقوله الناس، ويفني نفسه من أجل الآخر.
وبهذا المعنى، تخلق أليف شافاق عالمين روائيين متداخلين، يختلفان عن بعضهما أشد الاختلاف، لكن التجربة الصوفية توحدهما، عالم إيلا وعزيز زاهار، مؤلف رواية "الكفر الحلو"، اللذين يعيشان في القرن الواحد والعشرين، وعالم جلال الدين الرومي وشمس التبريزي بطلا رواية "الكفر الحلو" اللذين عاشا قي القرن الثالث عشر، ما الذي يجمع بين هذين العالمين؟
تتناوب فصول الروايتين في الرواية نفسها بخفّة، وأليف شافاق روائية تتقن أدواتها، وتضبط روايتها بإحكام، وتظهر ثقافة رفيعة واطلاعاً واسعاً على ثقافات شرقية وغربية بما فيها التجارب الصوفية وفلسفتها، لكن السؤال الذي يخطر في بال القارئ: هل يمكن تفسير العالم وفهمه عن طريق التجربة الصوفية؟ هل بلغت أليف شافاق الإدهاش في الرواية؟
لم أستطع تلمُّس ذلك في هذا العمل الذي يمتدّ لخمسمئة صفحة، وإن كانت روايتها نموذجاً للرواية الأوروبية المتماسكة، متقنة الصنع، فالروائية تجيب عن الأسئلة كلها التي تتبادر إلى ذهن القارئ، لا مكان لأسئلة جديدة، ويمكن للقارئ أن يتبصر مستقبل الشخصيات والمآلات التي ستؤول إليها، تمسك بالقارئ وتسيّره وفقاً لقواعدها التي تجترحها.


توازي سيرة جلال الدين الرومي رجل الدين الوقور ذي النمط الكلاسيكي، على الرغم من توقه لتغيير حياته الراكدة التي تفتقد الإدهاش، إمام جامع وخطيب مفوّه ذو مريدين كُثر، سيرة إيلا المرأة الأميركية سيدة المطبخ، الزوجة الطيِّعة، التي تجهد نفسها في تأمين حاجات أولادها ورغبات زوجها الذي يخونها، وتتكتم على ذلك حرصاً على مؤسستها الزوجية، وهي، في ذلك كله، غافلة عن حياتها الشخصية.
بحيرتان
ما الذي عكّر صفو هاتين البحيرتين الراكدتين؟ ما الذي بعث الحركة من هذا السكون المطبق؟
كان ظهور شمس التبريزي هو الحجر الذي بعث الحركة في حياة جلال الدين الرومي، شمس الدرويش المتجول، والذي لا نعرف بالضبط لم بات متصوفاً، إذ لا تقدم الرواية شمساً إلا بوصفه درويشاً يتردد على حلقات التصوف. أثرى ظهور شمس حياة جلال الدين الرومي، كما أثرى حياة الآخرين، إذ نقل بعضهم إلى حياة أخرى، من مريض الجذام إلى السكير والمومسة التي غيرت مجرى حياتها عند التقائها شمساً، ونَقْلِ جلال الدين الرومي من الصورة النمطية لرجل الدين إلى رجل زاهد لا يهتم لأمر مريديه وأولاده وزوجته المسيحية التي هامت به، فبات يقضي معظم أوقاته في القراءة والتأمل بصحبة شمس، وكان أن تسببت علاقتهما بنبذ مجتمع جلال الدين الرومي له وكره مريديه لشمس ورغبتهم في التخلص منه.
وعلى الرغم من اختلافهم الشديد حين التقيا إلا أنه بمرور الوقت يتحدان في دائرة يصعب كسرها، وتنتهي العلاقة بمقتل شمس وبلوغ جلال الدين الرومي مكانة عالية في الشعر الصوفي.
ما الذي يحدو بشمس التبريزي لخوض هذه التجربة؟ هو الذي رأى موته ساعة دخوله قونية "مدينة جلال الدين"، أهو توق الفراشة للاحتراق بالنار؟ يموت شمس ويُكتَب الخلود لجلال الدين الرومي. وهل كان على جلال الدين الرومي أن يمرَّ بمحنة عظيمة، محنة انفضاض الناس عنه وفقد شمس كي يتحول إلى شاعر صوفي لا يُشقُّ له غبار؟
الأمر نفسه يتكرر مع عزيز، المصاب بمرض السرطان والذي يعرف أن نهايته وشيكة، بيد أن ذلك لم يمنعه من التعرف إلى إيلا وعشقه لها وإطلاعها على عالم الصوفية، فتنتهي تجربتهما بانعتاق إيلا من حياتها السابقة وبحثها عن حياة جديدة في مدينة لا تعرفها.
الصوفية في العصر الرقمي
ما الذي تريد أن تقوله الروائية وهي تنقل رواية جلال الدين الرومي إلى قرننا هذا؟ هل الصوفية تلك التجربة الفردية كفيلة بخلاص البشرية في هذا العالم المتغير وعصر الثورة الرقمية؟
حين تطلعنا بتساوق مذهل على حياة إيلا الرتيبة والتي تعصف بها الريح ما إن تقرأ رواية "الكفر الحلو" لعزيز زاهار، عزيز الذي مرّ بمحنة تلو أخرى، محنة موت زوجته ومن ثم إدمانه المخدرات، لينتهي عند عتبات الصوفية، عزيز الذي رأى أسوأ وأفضل ما في الإنسانية ولم يعد يفاجئه أمر، المنحاز للفقراء والمستضعفين، هو شمس إيلا التبريزي الذي أُلقي في بحيرتها الراكدة.
هل يمكن لكائنين مختلفين تفصل بينهما أميال شاسعة أن يلتقيا؟ بل أن يقعا في الحب، هذا ما حدث بالضبط بين إيلا وعزيز زاهار، عشق خلخل حياتها ودفعها باتجاه لا يتساوق مع حياتها التي عاشتها، تلتقي إيلا بعزيز لكنها لا تمارس الجنس معه، يتعرف جلال الدين الرومي إلى شمس فيهمل زوجته، يتزوج شمس الدين التبريزي كيميا مريدة جلال الدين الرومي ويعزف عن ممارسة الجنس معها، ما هو سؤال الجنس بالنسبة للمتصوفة؟ هل الجنس حرام؟ هل على المتصوفة إهمال الجسد والتفرغ لمحبة الله؟
قسمت أليف شافاق روايتها الرواية إلى خمسة أجزاء، تنضوي الأجزاء الأربعة الأولى على عناصر الوجود التي حددها سقراط: التراب "الأشياء التي تكون صلبة، متشربة، وساكنة"، والماء "الأشياء السائلة تتغير ولا يمكن التنبؤ بها"، والريح "الأشياء التي تتحرك، تتطور وتتحدى"، والنار "الأشياء التي تدمّر وتحطّم"، وتنتهي بجزء أسمته "العدم"، وأثر هذه العناصر على شخصيات الروايتين، وكأنما تنطوي الأكوان في كل شخصية من شخصيات الرواية، وفي هذا على ما أرى مصادرة للقارئ إذ يقع منذ اللحظة الأولى تحت تأثير العنوان فيحيل الأحداث إلى مكون من مكونات الوجود، وفي جزء "العدم" حين يُقتل شمس ويموت عزيز، تضعنا أمام فكرة البعث من الموت، وكأن موت المتصوف يخلق لمريديه حياة أخرى، يستمر من خلالهم، الحركة تولد من السكون وهي الفكرة التي لطالما ألحت عليها الروائية منذ بداية عملها.
لا شك أن رواية "قواعد العشق الأربعون" رواية ممتعة بما تحمله من سرد شيٌق للأحداث والتطورات التي يمرّ بها أشخاص الرواية وأفكار التسامح وعدم إطلاق الأحكام المسبقة على الآخرين، بل إن كل شخصية في الرواية بذاتها هي تجربة جديرة بالتأمل، لكن السؤال الذي ما فتئ يساورني: هل من الممكن لتجربة الصوفية الفردية أن تكون خلاصاً للبشرية في القرن الواحد والعشرين؟ وكم يحتاج المرء من قوة في هذا العصر ليخوض تجربته الصوفية التي تخصه وحده ويكون فيها خلاصه.



مقتطفات من قواعد العشق الأربعون:
القاعدة الاولي : إن الطريقة التي نري فيها الله ما هي الا انعكاس للطريق التي نري فيها انفسن فاذا لم يكن الله يجلب الي عقولنا الي الخوف والملامة , فهذا يعني أن قدرا كبيرا من الخوف والملامة يتدفق في نفوسنا ,اما اذا رأينا الله مفعما بالمحبة و الرحمة , فاننا نكون كذلك.

قاعدة أخري
إن الطريق الي الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس فأجعل قلبك لا عقلك دليللك الرئيسي...  واجه , تحد , وتغلب في نهاية المطاف علي " النفس " بقلبك،إن معرفتك بنفسك ستقودك الي معرفة الله.

قاعدة أخري 

يتكون الفكر و الحب من مواد مختلفة  فالفكر يربط البشر في عقد لكن الحب يذيب جميع العقد. 
إن الفكر حذر علي الدوام وهو يقول ناصحا "احذر الكثير من النشوة" بينما الحب يقول "لا تكترث أقدم علي هذه المجازفة" وفي حين أن الفكر لا يمكن ان يتلاشي بسهولة، فان الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركاما من تلقاء نفسه لكن الكنوز تتواري بين الانقاض
والقلب الكسير يخبئ كنوزا.

قاعدة أخري
الوحدة والخلوة شيئان مختلفان , فعندما تكون وحيدا من السهل أن تخدع نفسك ويخيل اليك انك تسير علي الطريق القويم ،أما الخلوة فهي أفضل لنا لانها تعني انك تكون وحدك من دون ان تشعر انك وحيد، لكن في نهاية الامر , من الافضل لك ان تبحث عن شخص، شخص يكون بمثابة مرآة لك،تذكر انك لا تستطيع أن تري نفسك حقا ,الا في قلب شخص آخر وبوجود الله في داخلك

قاعدة أخري
إن السعي وراء الحب يغيرنا فما من أحد يسعي وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب حتي تبدأ أن تتغير من الداخل والخارج.


هذه مقتطفات، وهي غيض من فيض، فبحر ابن الرومي لا ساحل له، وكتاب أليف شفاق جدير بالقراءة و التمعن، أنصحك بقراءته بشدة واضع لك رابطا للتحميل أدناه.





نشر في : 1:24 ص |  من طرف بن دالي آمال

1 التعليقات:

السبت، 8 فبراير 2014

جوليان بارنز و زوجته       







أنا عشت في الكتب، من أجل الكتب، بـِالكتب ومعها، وفي السّنوات الأخيرة، كنت محظوظاً بما يكفي لأعيش من الكتب. وقد كان عبر الكتب وحدها أن اكتشفت أن ثمّة عوالم وراء عالمي المُعاش. حيث تخيّلت للمرّة الأولى ما يمكن أن يكون الأمر عليه لو أنّني كنت شخصاً آخر، وواجهت للمرّة الأولى تلك العلاقة الحميميّة العميقة الحاصلة عندما يغوص صوت الكاتب في رأس القارئ. ربّما، لحسن حظّي في السّنوات العشر الأولى من حياتي، لم يلق الكتاب منافسة من التلفزيون، وعندما صار في بيتنا جهاز تلفزيون، كان تحت رقابة صارمة من والديّ. كان كلاهما مدرّسان، لذلك كان احترام الكتاب وما يحتويه واضحاً. لم نكن نذهب إلى الكنيسة، لكنّنا كنّا نذهب إلى المكتبة.

حياتي مكتبة ، جوليان بارنز

جوليان بارنز و زوجته       







أنا عشت في الكتب، من أجل الكتب، بـِالكتب ومعها، وفي السّنوات الأخيرة، كنت محظوظاً بما يكفي لأعيش من الكتب. وقد كان عبر الكتب وحدها أن اكتشفت أن ثمّة عوالم وراء عالمي المُعاش. حيث تخيّلت للمرّة الأولى ما يمكن أن يكون الأمر عليه لو أنّني كنت شخصاً آخر، وواجهت للمرّة الأولى تلك العلاقة الحميميّة العميقة الحاصلة عندما يغوص صوت الكاتب في رأس القارئ. ربّما، لحسن حظّي في السّنوات العشر الأولى من حياتي، لم يلق الكتاب منافسة من التلفزيون، وعندما صار في بيتنا جهاز تلفزيون، كان تحت رقابة صارمة من والديّ. كان كلاهما مدرّسان، لذلك كان احترام الكتاب وما يحتويه واضحاً. لم نكن نذهب إلى الكنيسة، لكنّنا كنّا نذهب إلى المكتبة.

نشر في : 5:14 ص |  من طرف بن دالي آمال

0 التعليقات:

مصدر الصورة
  وأنا افتش في دفاتري القديمة وجدت قصاصات كنت أقيد بها ما أراه ذا فائدة ، بالنسبة لي طبعا، من ضمنها هذه المعلومات عن  انتاج القراءة في البلدان العربية، ففكرت ان اقيدها هنا خشية تلفها وكذلك إفادتك بها.
   تقول الإحصائيات أن العالم العربي ينتج 5000كتاب في السنة،بينما تنتج أمريكا 300000 كتاب في السنة،وفي سياق هذه المقارنة، يقرأ الطفل العربي 7 دقائق في السنة،بينما يقرأ الطفل الأمريكي 6 دقائق في النهار.
وتكشف أحدث الإحصائيات أن القارئ الأوروبي ، يقرأ بمعدل 35 كتابا في السنة،والإسرائيلي بمعدل40 كتابا في السنة؛ أما على مستوى العالم العربي فإن 80 شخصا يقرأون كتابا واحدا في المحصلة،؛هذا يعني أن ثقافة قارئ أوروبي توازي ثقافة2800 عربي،وتوازي ثقافة إسرائيلي واحد ثقافة 3200 عربي...
هذه هي أمة إقرأ!! 

أمة إقرأ

مصدر الصورة
  وأنا افتش في دفاتري القديمة وجدت قصاصات كنت أقيد بها ما أراه ذا فائدة ، بالنسبة لي طبعا، من ضمنها هذه المعلومات عن  انتاج القراءة في البلدان العربية، ففكرت ان اقيدها هنا خشية تلفها وكذلك إفادتك بها.
   تقول الإحصائيات أن العالم العربي ينتج 5000كتاب في السنة،بينما تنتج أمريكا 300000 كتاب في السنة،وفي سياق هذه المقارنة، يقرأ الطفل العربي 7 دقائق في السنة،بينما يقرأ الطفل الأمريكي 6 دقائق في النهار.
وتكشف أحدث الإحصائيات أن القارئ الأوروبي ، يقرأ بمعدل 35 كتابا في السنة،والإسرائيلي بمعدل40 كتابا في السنة؛ أما على مستوى العالم العربي فإن 80 شخصا يقرأون كتابا واحدا في المحصلة،؛هذا يعني أن ثقافة قارئ أوروبي توازي ثقافة2800 عربي،وتوازي ثقافة إسرائيلي واحد ثقافة 3200 عربي...
هذه هي أمة إقرأ!! 

نشر في : 5:06 ص |  من طرف بن دالي آمال

0 التعليقات:

الاثنين، 3 فبراير 2014

يحكي (مارك فيكتور هانسن) وهو أحد مؤلفي كتاب "شوربة دجاج للروح" أنه قابل ( توني روبنز) الكاتب الأشهر وسأله : " منذ أن
مارك فيكتور هانسن
نشرت كتابي وأنا أحقق من خلال مبيعاتي وبرامجي التدريبية مليون دولار بالكاد، وأعتقد أن هذا هو الحد الأقصى في مجالنا هذا، ولكني سمعت أنك تحقق حوالي 156مليون دولار سنوياً، فهل هذا حقيقي؟ " فأجابه توني روبنز : " نعم هذا حقيقي !!" فسأله هانسن : " هل تستطيع أن ترشدني إلى طريقة أحقق بها ما حققت أنت ؟!" فأجابه توني روبنز :" أنت تقول أنك تعتقد أن المليون هو الحد الأقصى. غير هذا
انتوني روبنز
الاعتقاد وستصل إلى ما وصلت إليه، فكر في البليون، لا في المليون !!" فقال له هانسن:" ولكني لم أغير شيئاً في الكتاب ولا في برامجي التدريبية فما الذي ينبغي أن أغيره حتى أحقق هذا المبلغ ؟!" فأجابه روبنز : " غير تفكيرك ! " .


غيّر تفكيرك

يحكي (مارك فيكتور هانسن) وهو أحد مؤلفي كتاب "شوربة دجاج للروح" أنه قابل ( توني روبنز) الكاتب الأشهر وسأله : " منذ أن
مارك فيكتور هانسن
نشرت كتابي وأنا أحقق من خلال مبيعاتي وبرامجي التدريبية مليون دولار بالكاد، وأعتقد أن هذا هو الحد الأقصى في مجالنا هذا، ولكني سمعت أنك تحقق حوالي 156مليون دولار سنوياً، فهل هذا حقيقي؟ " فأجابه توني روبنز : " نعم هذا حقيقي !!" فسأله هانسن : " هل تستطيع أن ترشدني إلى طريقة أحقق بها ما حققت أنت ؟!" فأجابه توني روبنز :" أنت تقول أنك تعتقد أن المليون هو الحد الأقصى. غير هذا
انتوني روبنز
الاعتقاد وستصل إلى ما وصلت إليه، فكر في البليون، لا في المليون !!" فقال له هانسن:" ولكني لم أغير شيئاً في الكتاب ولا في برامجي التدريبية فما الذي ينبغي أن أغيره حتى أحقق هذا المبلغ ؟!" فأجابه روبنز : " غير تفكيرك ! " .


نشر في : 7:29 ص |  من طرف بن دالي آمال

2 التعليقات:




 بمناسبة صدور روايته الرابعة عشرة، ‘قانون الكارما الصارم’، بالفرنسية، تحدث مو يان عن تطور الصين والفن الروائي .
يعتبر مو يان (Moyan) أحد الكتاب الصينيين المعاصرين الأكثر قراءة في بلادنا. إن قوة محكياته، التي تقارب بدون طابوهات الموضوعات الأكثر حساسية، في السياسة كما على مستوى الأخلاق، عمق شخصياته، السخرية ذات الحضور الكلي لنبرته [كلها] جعلت منه واحدا من الروائيين الأكثر تمثيلية لجيله. ولد سنة 1955، مويان (وهو اسم مستعار معناه ‘الذي لا يتكلم’ كان يبلغ من العمر عشرين سنة عند موت ماو، انخرط في صفوف الجيش بهدف الدراسة والكتابة، وهو حاليا، باحث في الأدب وكاتب معروف. مويان لن يسكت أبدا : سنرى ذلك .
*تحكي روايتك عن كل اضطرابات تجمع قروي أثناء النصف الأخير من القرن الماضي. هل يرتبط ذلك المشروع بأصولك الريفية ؟
*مو يان: إن كوني أتحدر من أصل يرتبط بطبقة الـ’ملاك الأغنياء’ هو ما أملى علي أسلوبي في الكتابة، وبما أن الرواية ترتبط بمكان متميز جدا للصين، فإن هدفها هو وصف ما حدث في كل القرى الصينية ؛ فلئن كانت الصين قد عرفت، في السنوات الأخيرة، تحولات كبيرة، فهي تبقى أمة فلاحية .
*ألم تخامركم الرغبة في التشديد على تواجد بنيات راسخة جدا، مثل العائلة، وتحولات غير متوقعة : القفزة الكبرى إلى الأمام، الكمونات الشعبية، العودة إلى الملكية الفردية ؟
*مو يان: إن ذلك يعتبر إحدى خاصيات المجتمع الصيني. الروابط العائلية دائمة ؛ وشيء آخر لا يتغير كذلك، هو كون أن الحزب يعتبر وحيدا. وكل ما تبقى يتغير. ثم إنه بالنسبة لتلك الـ’بقية’ فإن الصين لا تختلف كثيرا عن
الغرب. تعتبر الملكية الخاصة متفوقة من الآن فصاعدا، ولم يعد الجماعي إلا شكلا للملكية من بين أخرى. تتطور القطاعات التي تمت خوصصتها بسرعة كبيرة جدا. في ما مضى وأثناء الإصلاحات الزراعية، فقد تم نزع كل ملكيات المزارعين، من كل صنف، بغية إنشاء الكمونات الشعبية. في سنة 1980، كانت هناك حركة معاكسة وتم توزيع الأراضي من جديد إلى المزارعين. لذلك فإن شخصية لان ليان، التي رفضت الالتحاق بالكمونة الشعبية، احتفظت بأرضها، وبعد التفكير أجرتها.
*ضمن شكل الرواية ذاته، ثمة انطباع بمعاينة مشاهد مسرحية صغرى، تسمح بمسرحة التحولات. حوارات، تقلبات لحظية، ترددات …
*مويان: إن المجتمع الصيني، طيلة خمسين سنة، مليء بالمسرحة. الصين مسرح، والممثلون يندفعون فيه الواحد تلو الآخر لأداء دوره.
*هناك انطباع بأن ثمة توازنا معينا بين الاضطرابات التاريخية ودورة التجسدات الجديدة، يقود إلى نقطة البداية. إجمالا، فإن الصين هي التي لا تتوقف عن التجسيد.
*مو يان: إنها بالفعل دورات تاريخية. تنزع الأراضي ثم تتم إعادتها. تصادر الملكية الخاصة، فيتم تمجيدها. تنتقد العائلة، ثم يتم تثمينها.
*ألا يسمح اختيار تلك البنية السردية بحرية أكبر، مع مضاعفة الرواة، وبناء على ذلك اتخاذ مسافة ما ؟
*مو يان: إن اختيار حيوانات ناطقة بلسان آدمي يسمح خاصة بتكسير الرتابة. شيء مدهش بالنسبة لكاتب يكلم حمارا أو ثورا، تخيل الجزئيات التي تتخذ، فجأة، أهمية بالنسبة لحيوان، افتراض براءة ما، لاسيما، في فترة تاريخية طويلة، إن ذلك يكسر الرتابة. سيكون ذلك مملا جدا لو لم نكن نتوفر عليها )الحيوانات(.
*إن ذلك يخالف خطاطة رواية ـ نهر التاريخية الكلاسيكية الكبرى.
*مو يان: طبعا، إن ذلك يعتبر تمردا أو انتهاكا لهذا النموذج، كذلك هو استعادة لتقليد ما. ففي حكايات بوسونغ لينغ (*) على سبيل المثال، توجد العديد من القصص بلسان حيوانات تتحول إلى آدميين، والعكس بالعكس. إنها مطاردة للروايات الكلاسيكية الصينية. طرق مواضيع حساسة من خلال حيوانات لهو أسلوب شائع الاستعمال، بهدف استحضار، بطريقة غير مباشرة، قضايا متعددة. ففي كل مرة أكتب فيها رواية جديدة، أبحث عن شكل جديد. ففي رواية بلاد النبيذ، استوحيت طرائق الرواية البوليسية ثم إن المحكي كان يمزج بين الحقيقي والزائف مثل داخل متاهة.




*يلاحظ أيضا عبور مويان الروائي يقحم من خلال رواة، بخصوص جزئيات أكيدة، ولكن على أي حال …
*مو يان: ومع ذلك يوجد ساردان أساسيان هما ‘رأس ضخمة’ ولان ليان. يلج مو يان هذا المكان ثم ينسج حبكته. إنها شخصية المهرج في الأوبرا الكلاسيكية الصينية. إن ذلك يفيد أيضا في ملء فجوات السرد، وذلك بإقامة مسافة ساخرة. باختصار، إن مرجعيتي هي الرواية الواقعية الكلاسيكية، التي تستعمل كأساس لتأليفي، بعد ذلك قمت، من خلال ذلك، بوضع بناءات أكثر حرية، موسومة بواسطة الأدب الحديث. أدمج فيها التخيل، إذا شئنا ذلك. واقعية في الأحداث المروية، وتخيل في المعالجة. ينبغي إيجاد التقدير اللازم، التوازن بين الجاد والعبثي. كل قارئ يعثر فيها على إشباع فضوله، بحسب اهتمامه ومزاجه. إنه عمل متقن يترك النقاد الصينيين مرتبكين جدا.
*تثير تلك الرواية، التي تحكي تراجيديات لا تصدق، عند قراءتها كثيرا من الضحك. ألا يقوم مفهوم الكارما ضمن هذا الأسلوب بالتبؤ بالمصير؟
*مو يان: تبعا لحكمة بوذية، فإن الكائنات تنفذ طاقتها في الصراع من أجل الحياة، بمعنى من أجل لاشيء، كل هذا من أجل ـ عند الممات ـ الحلول في حيوان، يتوجب عليه هو الآخر كذلك أن يقاوم، وهكذا دواليك. إن معنى العنوان الذي يعني، كلمة كلمة، ‘حيوات وموتى مضنية’. على أن المرء، أحيانا في الواقع، يقاوم من أجل البقاء، من أجل غزلياته، مصالحه، إنها تنطلق من جديد ! إنها عجلة تدور بدون انقطاع، لكنها تتقدم إلى الأمام.
*كيف استقبل هذا الكتاب ؟
*مو يان: ركز النقد على الحلول وعلى شخصية لان ليان. فقد تم تضخيم الأشياء، دون اعتبار المجموع. لم يؤخذ بعين الاعتبار ما قلته بخصوص المجتمع والحياة، عجلة تدور بلا نهاية، لكنها تتقدم. إنها الدورة الأبدية للتاريخ، تغيرت أشياء، لكنها لم ترجع إلى وضع ما قبل 1949.
*ما هي مكانتكم ضمن الأوساط الأدبية والمجتمع الصيني ؟
*مو يان: هناك الكثير من الكتاب في الصين. البعض منهم يتملقون السلطة ؛ وآخرون كثر، ينتقدون كل شيء. أنا صارم في رواياتي، ضد البيروقراطية بشكل خاص، على أنني أقوم بذلك كروائي. أسئلتي موجودة في محكياتي. لكني لست كاتبا يأخذ الكلمة بغية ولوج اللعبة السياسية مباشرة. إن ذلك أقل إنتاجية إلى درجة كبيرة جدا. وفي الواقع، فإني أتصرف مثل الشعب الصيني.
*ماذا تكتبون حاليا ؟
*مو يان: رواية جديدة، تحت عنوان’ضفادع′. إنها قصة مولّدة بقرية صغيرة، وكان يتوجب عليها أن تولد عشرة آلاف طفل، وفي بداية الشيخوخة، تطرح أسئلة على نفسها. كما أنها ساعدت الكثير من النساء على إجهاض أنفسهن. إنها امرأة ذات شخصية قوية جدا، وهي نموذج لإحدى عماتي. مرة أخرى ثمة شيء يكون غاية في الاختلاف.
(‘) كاتب صيني ينحدر من القرن السابع عشر، مؤلف لحكايات غريبة شهيرة أو لحكايات ستوديو وقت الفراغ حيث تظهر، على الخصوص، الشخصية المتكررة للمرأة الثرغلة (editions philippe picquier, traduction andre Levy).
‘قانون الكارما الصارم’، لمو يان. ترجمتها من الصينية إلى الفرنسية شانتال شان أندرو. دار نشر سوي. 762 صفحة.
تقع الأحداث في بداية شهر يناير 1950. كان سيمين ناو يخضع في مكان تحت أرض منذ سنوات لتعذيب شرطة ملك الجحيم. تم رميه بالرصاص من قبل بيروقراطي طموح في حين أن لاأحد لامه على ذلك. ولكونه مالكا صغيرا تحول إلى عدو طبقي. وبوصفه ميتا مثل حي، فقد أعلن عن براءته بإصرار. حينئذ شد السلطان الجهنمي عن 
القاعدة. سيتم تجسيده، مثل كل الكائنات، لكن في صفة كائن بشري، ومع كل ذكرياته، سيجعل من ذلك أكثر جمالية : للجحيم وظائفه القذرة أيضا، ثم يولد من جديد … في جسد حمار. فمن خلال تلك الأنواع سيمثل أمام تشوشات تحدث منذ انتصار الثورة. حمار، ثور، خنزير، قرد، كلب : حال في جلد تلك الحيوانات المتتابعة، سيصبح، مع تعدد الممثلين والرواة، مؤرخ قريته إلى حدود نهاية الألفية، حيث تمنح له فرصة جديدة.
رواية التاريخ الفوري، تعثر من جديد على القريحة الشرسة للحكايات الكلاسيكية الشعبية الصينية، مقترحة بنية حداثة مذهلة. ساعدت تلك المقاربة الموسومة بخلق كبير مو يان بمقاربة الموضوعات الأكثر تعقيدا، وليس نقد الماضي فحسب. فعبر تلك الحلولات، إن المصير المعقد للصين، الثابت ببنياته العميقة ومع ذلك المتطور باستمرار، هو ما تمت مقاربته. إنه أيضا اعتراف بطبقة الفلاحين الصينيين، بتقاليدهم في العمل والصمود، ودون إخفاء المنافسة والطموح. لكن أيضا حبه القوي للحرية الذي قدمه لنا للقراءة، ضمن تخييل يماثل بالنسبة للقارئ الفرنسي ديدرو محتلا بواسطة رابليه.

أجرى الحوار: ألان نيكولا
وشانتال شين أندرو

عن موقع :
L humanitr .fr
la Culture – l humanite 27 aout 2009

مو يان: ‘الصين مسرح’




 بمناسبة صدور روايته الرابعة عشرة، ‘قانون الكارما الصارم’، بالفرنسية، تحدث مو يان عن تطور الصين والفن الروائي .
يعتبر مو يان (Moyan) أحد الكتاب الصينيين المعاصرين الأكثر قراءة في بلادنا. إن قوة محكياته، التي تقارب بدون طابوهات الموضوعات الأكثر حساسية، في السياسة كما على مستوى الأخلاق، عمق شخصياته، السخرية ذات الحضور الكلي لنبرته [كلها] جعلت منه واحدا من الروائيين الأكثر تمثيلية لجيله. ولد سنة 1955، مويان (وهو اسم مستعار معناه ‘الذي لا يتكلم’ كان يبلغ من العمر عشرين سنة عند موت ماو، انخرط في صفوف الجيش بهدف الدراسة والكتابة، وهو حاليا، باحث في الأدب وكاتب معروف. مويان لن يسكت أبدا : سنرى ذلك .
*تحكي روايتك عن كل اضطرابات تجمع قروي أثناء النصف الأخير من القرن الماضي. هل يرتبط ذلك المشروع بأصولك الريفية ؟
*مو يان: إن كوني أتحدر من أصل يرتبط بطبقة الـ’ملاك الأغنياء’ هو ما أملى علي أسلوبي في الكتابة، وبما أن الرواية ترتبط بمكان متميز جدا للصين، فإن هدفها هو وصف ما حدث في كل القرى الصينية ؛ فلئن كانت الصين قد عرفت، في السنوات الأخيرة، تحولات كبيرة، فهي تبقى أمة فلاحية .
*ألم تخامركم الرغبة في التشديد على تواجد بنيات راسخة جدا، مثل العائلة، وتحولات غير متوقعة : القفزة الكبرى إلى الأمام، الكمونات الشعبية، العودة إلى الملكية الفردية ؟
*مو يان: إن ذلك يعتبر إحدى خاصيات المجتمع الصيني. الروابط العائلية دائمة ؛ وشيء آخر لا يتغير كذلك، هو كون أن الحزب يعتبر وحيدا. وكل ما تبقى يتغير. ثم إنه بالنسبة لتلك الـ’بقية’ فإن الصين لا تختلف كثيرا عن
الغرب. تعتبر الملكية الخاصة متفوقة من الآن فصاعدا، ولم يعد الجماعي إلا شكلا للملكية من بين أخرى. تتطور القطاعات التي تمت خوصصتها بسرعة كبيرة جدا. في ما مضى وأثناء الإصلاحات الزراعية، فقد تم نزع كل ملكيات المزارعين، من كل صنف، بغية إنشاء الكمونات الشعبية. في سنة 1980، كانت هناك حركة معاكسة وتم توزيع الأراضي من جديد إلى المزارعين. لذلك فإن شخصية لان ليان، التي رفضت الالتحاق بالكمونة الشعبية، احتفظت بأرضها، وبعد التفكير أجرتها.
*ضمن شكل الرواية ذاته، ثمة انطباع بمعاينة مشاهد مسرحية صغرى، تسمح بمسرحة التحولات. حوارات، تقلبات لحظية، ترددات …
*مويان: إن المجتمع الصيني، طيلة خمسين سنة، مليء بالمسرحة. الصين مسرح، والممثلون يندفعون فيه الواحد تلو الآخر لأداء دوره.
*هناك انطباع بأن ثمة توازنا معينا بين الاضطرابات التاريخية ودورة التجسدات الجديدة، يقود إلى نقطة البداية. إجمالا، فإن الصين هي التي لا تتوقف عن التجسيد.
*مو يان: إنها بالفعل دورات تاريخية. تنزع الأراضي ثم تتم إعادتها. تصادر الملكية الخاصة، فيتم تمجيدها. تنتقد العائلة، ثم يتم تثمينها.
*ألا يسمح اختيار تلك البنية السردية بحرية أكبر، مع مضاعفة الرواة، وبناء على ذلك اتخاذ مسافة ما ؟
*مو يان: إن اختيار حيوانات ناطقة بلسان آدمي يسمح خاصة بتكسير الرتابة. شيء مدهش بالنسبة لكاتب يكلم حمارا أو ثورا، تخيل الجزئيات التي تتخذ، فجأة، أهمية بالنسبة لحيوان، افتراض براءة ما، لاسيما، في فترة تاريخية طويلة، إن ذلك يكسر الرتابة. سيكون ذلك مملا جدا لو لم نكن نتوفر عليها )الحيوانات(.
*إن ذلك يخالف خطاطة رواية ـ نهر التاريخية الكلاسيكية الكبرى.
*مو يان: طبعا، إن ذلك يعتبر تمردا أو انتهاكا لهذا النموذج، كذلك هو استعادة لتقليد ما. ففي حكايات بوسونغ لينغ (*) على سبيل المثال، توجد العديد من القصص بلسان حيوانات تتحول إلى آدميين، والعكس بالعكس. إنها مطاردة للروايات الكلاسيكية الصينية. طرق مواضيع حساسة من خلال حيوانات لهو أسلوب شائع الاستعمال، بهدف استحضار، بطريقة غير مباشرة، قضايا متعددة. ففي كل مرة أكتب فيها رواية جديدة، أبحث عن شكل جديد. ففي رواية بلاد النبيذ، استوحيت طرائق الرواية البوليسية ثم إن المحكي كان يمزج بين الحقيقي والزائف مثل داخل متاهة.




*يلاحظ أيضا عبور مويان الروائي يقحم من خلال رواة، بخصوص جزئيات أكيدة، ولكن على أي حال …
*مو يان: ومع ذلك يوجد ساردان أساسيان هما ‘رأس ضخمة’ ولان ليان. يلج مو يان هذا المكان ثم ينسج حبكته. إنها شخصية المهرج في الأوبرا الكلاسيكية الصينية. إن ذلك يفيد أيضا في ملء فجوات السرد، وذلك بإقامة مسافة ساخرة. باختصار، إن مرجعيتي هي الرواية الواقعية الكلاسيكية، التي تستعمل كأساس لتأليفي، بعد ذلك قمت، من خلال ذلك، بوضع بناءات أكثر حرية، موسومة بواسطة الأدب الحديث. أدمج فيها التخيل، إذا شئنا ذلك. واقعية في الأحداث المروية، وتخيل في المعالجة. ينبغي إيجاد التقدير اللازم، التوازن بين الجاد والعبثي. كل قارئ يعثر فيها على إشباع فضوله، بحسب اهتمامه ومزاجه. إنه عمل متقن يترك النقاد الصينيين مرتبكين جدا.
*تثير تلك الرواية، التي تحكي تراجيديات لا تصدق، عند قراءتها كثيرا من الضحك. ألا يقوم مفهوم الكارما ضمن هذا الأسلوب بالتبؤ بالمصير؟
*مو يان: تبعا لحكمة بوذية، فإن الكائنات تنفذ طاقتها في الصراع من أجل الحياة، بمعنى من أجل لاشيء، كل هذا من أجل ـ عند الممات ـ الحلول في حيوان، يتوجب عليه هو الآخر كذلك أن يقاوم، وهكذا دواليك. إن معنى العنوان الذي يعني، كلمة كلمة، ‘حيوات وموتى مضنية’. على أن المرء، أحيانا في الواقع، يقاوم من أجل البقاء، من أجل غزلياته، مصالحه، إنها تنطلق من جديد ! إنها عجلة تدور بدون انقطاع، لكنها تتقدم إلى الأمام.
*كيف استقبل هذا الكتاب ؟
*مو يان: ركز النقد على الحلول وعلى شخصية لان ليان. فقد تم تضخيم الأشياء، دون اعتبار المجموع. لم يؤخذ بعين الاعتبار ما قلته بخصوص المجتمع والحياة، عجلة تدور بلا نهاية، لكنها تتقدم. إنها الدورة الأبدية للتاريخ، تغيرت أشياء، لكنها لم ترجع إلى وضع ما قبل 1949.
*ما هي مكانتكم ضمن الأوساط الأدبية والمجتمع الصيني ؟
*مو يان: هناك الكثير من الكتاب في الصين. البعض منهم يتملقون السلطة ؛ وآخرون كثر، ينتقدون كل شيء. أنا صارم في رواياتي، ضد البيروقراطية بشكل خاص، على أنني أقوم بذلك كروائي. أسئلتي موجودة في محكياتي. لكني لست كاتبا يأخذ الكلمة بغية ولوج اللعبة السياسية مباشرة. إن ذلك أقل إنتاجية إلى درجة كبيرة جدا. وفي الواقع، فإني أتصرف مثل الشعب الصيني.
*ماذا تكتبون حاليا ؟
*مو يان: رواية جديدة، تحت عنوان’ضفادع′. إنها قصة مولّدة بقرية صغيرة، وكان يتوجب عليها أن تولد عشرة آلاف طفل، وفي بداية الشيخوخة، تطرح أسئلة على نفسها. كما أنها ساعدت الكثير من النساء على إجهاض أنفسهن. إنها امرأة ذات شخصية قوية جدا، وهي نموذج لإحدى عماتي. مرة أخرى ثمة شيء يكون غاية في الاختلاف.
(‘) كاتب صيني ينحدر من القرن السابع عشر، مؤلف لحكايات غريبة شهيرة أو لحكايات ستوديو وقت الفراغ حيث تظهر، على الخصوص، الشخصية المتكررة للمرأة الثرغلة (editions philippe picquier, traduction andre Levy).
‘قانون الكارما الصارم’، لمو يان. ترجمتها من الصينية إلى الفرنسية شانتال شان أندرو. دار نشر سوي. 762 صفحة.
تقع الأحداث في بداية شهر يناير 1950. كان سيمين ناو يخضع في مكان تحت أرض منذ سنوات لتعذيب شرطة ملك الجحيم. تم رميه بالرصاص من قبل بيروقراطي طموح في حين أن لاأحد لامه على ذلك. ولكونه مالكا صغيرا تحول إلى عدو طبقي. وبوصفه ميتا مثل حي، فقد أعلن عن براءته بإصرار. حينئذ شد السلطان الجهنمي عن 
القاعدة. سيتم تجسيده، مثل كل الكائنات، لكن في صفة كائن بشري، ومع كل ذكرياته، سيجعل من ذلك أكثر جمالية : للجحيم وظائفه القذرة أيضا، ثم يولد من جديد … في جسد حمار. فمن خلال تلك الأنواع سيمثل أمام تشوشات تحدث منذ انتصار الثورة. حمار، ثور، خنزير، قرد، كلب : حال في جلد تلك الحيوانات المتتابعة، سيصبح، مع تعدد الممثلين والرواة، مؤرخ قريته إلى حدود نهاية الألفية، حيث تمنح له فرصة جديدة.
رواية التاريخ الفوري، تعثر من جديد على القريحة الشرسة للحكايات الكلاسيكية الشعبية الصينية، مقترحة بنية حداثة مذهلة. ساعدت تلك المقاربة الموسومة بخلق كبير مو يان بمقاربة الموضوعات الأكثر تعقيدا، وليس نقد الماضي فحسب. فعبر تلك الحلولات، إن المصير المعقد للصين، الثابت ببنياته العميقة ومع ذلك المتطور باستمرار، هو ما تمت مقاربته. إنه أيضا اعتراف بطبقة الفلاحين الصينيين، بتقاليدهم في العمل والصمود، ودون إخفاء المنافسة والطموح. لكن أيضا حبه القوي للحرية الذي قدمه لنا للقراءة، ضمن تخييل يماثل بالنسبة للقارئ الفرنسي ديدرو محتلا بواسطة رابليه.

أجرى الحوار: ألان نيكولا
وشانتال شين أندرو

عن موقع :
L humanitr .fr
la Culture – l humanite 27 aout 2009

نشر في : 7:06 ص |  من طرف بن دالي آمال

1 التعليقات:

back to top