تابعنا على فايسبوك

الاثنين، 26 مايو 2014

قرّاء الليل

نشرت من طرف : بن دالي آمال  |  في  7:12 ص



تويتر عالم غريب فعلا، قد يجعلك تتعرف على من يثير فيك رغبة التقيؤ لمجرد قراءة تعاليقه ، كما يمكنه أن يوفر لك فرصة التعرف عمن ستعتبرهم كنزا. من ضمن الصنف الثاني ، الصديقة التي تعرفت عليها مؤخرا، أندريا دانهود، الكاتبة بصحيفة النيويوركر، من ضمن القواسم المشتركة بيننا ، كان حب القراءة ، لذا حكت لي عن تجربة القراءة الليلية داخل الحانات ، و التي كان اول من ابتكرها  كريستوفر فريزال.من ضمن ما حكته ادريانا ، انك لو صادف و دخلت "حانة الصودا" في بروكلين ، في ليلة من ليالي الاربعاء عند منتصف الليل فلاشك انك ستصاب بالدهشة.ستقابلك قاعة شبيهة بالصالون الشاسع، اين سترى ارائك محكمة التصفيف ، كراسي مرتبة ، طاولات دائرية و صمت حضاري.

      في وسط الغرفة هذه،عازفة التشيلو تعزف مجموعة كلاسيكية (" الدانوب الازرق"، " فرحة رغبة الرجل")، لم تكن العازفة هناك لإضفاء جومن المرح والصخب كما المعتاد، فلا أحد من المتواجدين بالقاعة يعيرها اهتماما، كيف يحدث ذلك وكل واحد يجلس على حدى، يحتسي شرابا ورأسه مدسوسا بكتاب.
      تلك هي الجلسة الشهرية الثالثة بمدينة نيويورك  لمجموعة القراءة الصامتة.الحدث الذي تنظمه جامي بارنس ، تلك المرأة الشابة، النحيفة ذات اللباس الفيروزي.يحضر المنظمون للمجموعة و بيد كل منهم كتابا من اختياره، ويجلس بالقاعة دون التقيد بوقت محدد للمغادرة، ولا يحل لأحدهم الكلام مع الآخر داخل القاعة.
      استلهمت بارنس الفكرة من كريستوفر فريزال رئيس تحرير صحيفة الغريب في سياتل، والذي كان يدير حلقة مشابهة .
كريستوفر فريزال
     كان بامكان برنس تخصيص مكان خال آخ، ولكنها فضلت الحانة حيث تدفع للعازفة من جيبها الخاص.     تقول بارنس:" انا أعمل بالبيت،و أود ا ن اقرا في اوقات فراغي، وأنا بحاجة ايضا للخروج من البيت"
     انه لقاء ادبي و اجتماعي لأناس لا يحبون القراءة وسط مجموعات المناقشات والتحاليل. لقاء حيث يمكنك قراءة ما ترغب ثم ترحل وقتما شئت. تقول بارنس:" اذا كنت لا تحب الاختلاط، ولا ترغب سوى في الحضور والقراءة ثم الرحيل ، فهذا مما يروقني". ترى بارنس أن الناس تلجأ للمجموعة لأنهم يشعرون بوجود طاقة تحفيزية داخل القاعة وسط  آخرين يقاسمونك نفس الاهتمام.كما ان وجودك خارج البيت في صدد القراءة افضل من قبوعك في البيت منشغلا بالتخطيط للقراءة.
         كان في لقاء يوم الاربعاء حوالي عشرين قارئا، اغلبهم مكث طيلة الأمسية حيث كان اربعة منهم نساء.كانت عيونهم تنفلت بين الفينة والأخرى لمراقبة أي وافد جديد، محاولة التطلع الى عنوان الكتاب الذي يقتنيه، يحدث ذلك للحظة و سرعان ما تنكب الرؤوس نحو الكتاب المقروء.
       اتنان من الحضور كانا يعرفا بعضهما، تبادلا التحية، بابتسامة صامتة مبالغ فيها ثم جلسا في ركنين متباعدين من القاعة. عندما  صدمت المرأة التي كانت بجواري الطاولة المستديرة، تلعثمت خجلة وهمست "عذرا !!"
   كانت قراءتي لتلك الليلة رواية  لاغاثا كريستي كنت قد انغمست فيها وكان علي ان اتمم قراءتها بسرعة حتى يتسنى لي حضور لقاء بمنتدى الكتاب. في البداية لم اكن متفائلة من انني ساتجاوز قراءة بعض الصفحات.كان الحاضرون من القراء صامتين  صمتا مطبقا، وكنت قريبة من عازفة التشيلو التي انطلقت من عزفها نغمة " هابارينا" لكارمن ممزوجة، مزجا غريبا، بالإيقاعات المنبعثة من الحانة ،وكانت بارنس ، تطل علينا بين الفينة و الأخرى لتلتقط بعض الصور للقراء بواسطة هاتفها الخلوي.
   كل من كلمتهم من القراء الحاضرين ، أكد لي أنه اعتاد المجيء هنا ، لأن هذه الجلسة فرصة للقراء معدومي التركيز.و تواجدهم هنا    أفضل من وجودهم بشققهم ( الأكثر صخبا)، المكتبات ( الأكثر ......)، الحدائق ( حيث لا يمكن توقع ما سيحدث).

  سبق و ان كتبت مقتطفا عن المقروئية عند العرب، و لا شك ان التجربة المذكورة هنا لا تزيد إلا من حجم الخجل الذي ينتابني كلما تذكرت انني جزء من هذه الأمة التي يقال لها أمة اقرأ.

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

هناك تعليق واحد:

back to top