تابعنا على فايسبوك

السبت، 15 فبراير 2014

قواعد العشق الأربعون

نشرت من طرف : بن دالي آمال  |  في  1:24 ص



"عندما كنت طفلاً، رأيت الله،رأيت ملائكة،رأيت أسرار العالَمَين العلويّ والسفلي، ظننتُ أنَّ جميع الرجال رأوا ما رأيته، لكني سرعان ما أدركت أنهم لم يروا..."                                        شمس التبريزي.

******
بهذه العبارات، تستهلُّ أليف شافاق، الروائية التركية، روايتها "قواعد العشق الأربعون" التي عنونتها عنواناً فرعياً "رواية عن جلال الدين الرومي".
تتصدى أليف شافاق للصوفية، كتجربة فردية تنقل المرء إلى العشق الإلهي، حيث، يتماهى الصوفي في خالقه ويبدو أقرب إلى الأثير في خفته، فينبذ العالم بما فيه من شهوات...غير آبه بما يقوله الناس، ويفني نفسه من أجل الآخر.
وبهذا المعنى، تخلق أليف شافاق عالمين روائيين متداخلين، يختلفان عن بعضهما أشد الاختلاف، لكن التجربة الصوفية توحدهما، عالم إيلا وعزيز زاهار، مؤلف رواية "الكفر الحلو"، اللذين يعيشان في القرن الواحد والعشرين، وعالم جلال الدين الرومي وشمس التبريزي بطلا رواية "الكفر الحلو" اللذين عاشا قي القرن الثالث عشر، ما الذي يجمع بين هذين العالمين؟
تتناوب فصول الروايتين في الرواية نفسها بخفّة، وأليف شافاق روائية تتقن أدواتها، وتضبط روايتها بإحكام، وتظهر ثقافة رفيعة واطلاعاً واسعاً على ثقافات شرقية وغربية بما فيها التجارب الصوفية وفلسفتها، لكن السؤال الذي يخطر في بال القارئ: هل يمكن تفسير العالم وفهمه عن طريق التجربة الصوفية؟ هل بلغت أليف شافاق الإدهاش في الرواية؟
لم أستطع تلمُّس ذلك في هذا العمل الذي يمتدّ لخمسمئة صفحة، وإن كانت روايتها نموذجاً للرواية الأوروبية المتماسكة، متقنة الصنع، فالروائية تجيب عن الأسئلة كلها التي تتبادر إلى ذهن القارئ، لا مكان لأسئلة جديدة، ويمكن للقارئ أن يتبصر مستقبل الشخصيات والمآلات التي ستؤول إليها، تمسك بالقارئ وتسيّره وفقاً لقواعدها التي تجترحها.


توازي سيرة جلال الدين الرومي رجل الدين الوقور ذي النمط الكلاسيكي، على الرغم من توقه لتغيير حياته الراكدة التي تفتقد الإدهاش، إمام جامع وخطيب مفوّه ذو مريدين كُثر، سيرة إيلا المرأة الأميركية سيدة المطبخ، الزوجة الطيِّعة، التي تجهد نفسها في تأمين حاجات أولادها ورغبات زوجها الذي يخونها، وتتكتم على ذلك حرصاً على مؤسستها الزوجية، وهي، في ذلك كله، غافلة عن حياتها الشخصية.
بحيرتان
ما الذي عكّر صفو هاتين البحيرتين الراكدتين؟ ما الذي بعث الحركة من هذا السكون المطبق؟
كان ظهور شمس التبريزي هو الحجر الذي بعث الحركة في حياة جلال الدين الرومي، شمس الدرويش المتجول، والذي لا نعرف بالضبط لم بات متصوفاً، إذ لا تقدم الرواية شمساً إلا بوصفه درويشاً يتردد على حلقات التصوف. أثرى ظهور شمس حياة جلال الدين الرومي، كما أثرى حياة الآخرين، إذ نقل بعضهم إلى حياة أخرى، من مريض الجذام إلى السكير والمومسة التي غيرت مجرى حياتها عند التقائها شمساً، ونَقْلِ جلال الدين الرومي من الصورة النمطية لرجل الدين إلى رجل زاهد لا يهتم لأمر مريديه وأولاده وزوجته المسيحية التي هامت به، فبات يقضي معظم أوقاته في القراءة والتأمل بصحبة شمس، وكان أن تسببت علاقتهما بنبذ مجتمع جلال الدين الرومي له وكره مريديه لشمس ورغبتهم في التخلص منه.
وعلى الرغم من اختلافهم الشديد حين التقيا إلا أنه بمرور الوقت يتحدان في دائرة يصعب كسرها، وتنتهي العلاقة بمقتل شمس وبلوغ جلال الدين الرومي مكانة عالية في الشعر الصوفي.
ما الذي يحدو بشمس التبريزي لخوض هذه التجربة؟ هو الذي رأى موته ساعة دخوله قونية "مدينة جلال الدين"، أهو توق الفراشة للاحتراق بالنار؟ يموت شمس ويُكتَب الخلود لجلال الدين الرومي. وهل كان على جلال الدين الرومي أن يمرَّ بمحنة عظيمة، محنة انفضاض الناس عنه وفقد شمس كي يتحول إلى شاعر صوفي لا يُشقُّ له غبار؟
الأمر نفسه يتكرر مع عزيز، المصاب بمرض السرطان والذي يعرف أن نهايته وشيكة، بيد أن ذلك لم يمنعه من التعرف إلى إيلا وعشقه لها وإطلاعها على عالم الصوفية، فتنتهي تجربتهما بانعتاق إيلا من حياتها السابقة وبحثها عن حياة جديدة في مدينة لا تعرفها.
الصوفية في العصر الرقمي
ما الذي تريد أن تقوله الروائية وهي تنقل رواية جلال الدين الرومي إلى قرننا هذا؟ هل الصوفية تلك التجربة الفردية كفيلة بخلاص البشرية في هذا العالم المتغير وعصر الثورة الرقمية؟
حين تطلعنا بتساوق مذهل على حياة إيلا الرتيبة والتي تعصف بها الريح ما إن تقرأ رواية "الكفر الحلو" لعزيز زاهار، عزيز الذي مرّ بمحنة تلو أخرى، محنة موت زوجته ومن ثم إدمانه المخدرات، لينتهي عند عتبات الصوفية، عزيز الذي رأى أسوأ وأفضل ما في الإنسانية ولم يعد يفاجئه أمر، المنحاز للفقراء والمستضعفين، هو شمس إيلا التبريزي الذي أُلقي في بحيرتها الراكدة.
هل يمكن لكائنين مختلفين تفصل بينهما أميال شاسعة أن يلتقيا؟ بل أن يقعا في الحب، هذا ما حدث بالضبط بين إيلا وعزيز زاهار، عشق خلخل حياتها ودفعها باتجاه لا يتساوق مع حياتها التي عاشتها، تلتقي إيلا بعزيز لكنها لا تمارس الجنس معه، يتعرف جلال الدين الرومي إلى شمس فيهمل زوجته، يتزوج شمس الدين التبريزي كيميا مريدة جلال الدين الرومي ويعزف عن ممارسة الجنس معها، ما هو سؤال الجنس بالنسبة للمتصوفة؟ هل الجنس حرام؟ هل على المتصوفة إهمال الجسد والتفرغ لمحبة الله؟
قسمت أليف شافاق روايتها الرواية إلى خمسة أجزاء، تنضوي الأجزاء الأربعة الأولى على عناصر الوجود التي حددها سقراط: التراب "الأشياء التي تكون صلبة، متشربة، وساكنة"، والماء "الأشياء السائلة تتغير ولا يمكن التنبؤ بها"، والريح "الأشياء التي تتحرك، تتطور وتتحدى"، والنار "الأشياء التي تدمّر وتحطّم"، وتنتهي بجزء أسمته "العدم"، وأثر هذه العناصر على شخصيات الروايتين، وكأنما تنطوي الأكوان في كل شخصية من شخصيات الرواية، وفي هذا على ما أرى مصادرة للقارئ إذ يقع منذ اللحظة الأولى تحت تأثير العنوان فيحيل الأحداث إلى مكون من مكونات الوجود، وفي جزء "العدم" حين يُقتل شمس ويموت عزيز، تضعنا أمام فكرة البعث من الموت، وكأن موت المتصوف يخلق لمريديه حياة أخرى، يستمر من خلالهم، الحركة تولد من السكون وهي الفكرة التي لطالما ألحت عليها الروائية منذ بداية عملها.
لا شك أن رواية "قواعد العشق الأربعون" رواية ممتعة بما تحمله من سرد شيٌق للأحداث والتطورات التي يمرّ بها أشخاص الرواية وأفكار التسامح وعدم إطلاق الأحكام المسبقة على الآخرين، بل إن كل شخصية في الرواية بذاتها هي تجربة جديرة بالتأمل، لكن السؤال الذي ما فتئ يساورني: هل من الممكن لتجربة الصوفية الفردية أن تكون خلاصاً للبشرية في القرن الواحد والعشرين؟ وكم يحتاج المرء من قوة في هذا العصر ليخوض تجربته الصوفية التي تخصه وحده ويكون فيها خلاصه.



مقتطفات من قواعد العشق الأربعون:
القاعدة الاولي : إن الطريقة التي نري فيها الله ما هي الا انعكاس للطريق التي نري فيها انفسن فاذا لم يكن الله يجلب الي عقولنا الي الخوف والملامة , فهذا يعني أن قدرا كبيرا من الخوف والملامة يتدفق في نفوسنا ,اما اذا رأينا الله مفعما بالمحبة و الرحمة , فاننا نكون كذلك.

قاعدة أخري
إن الطريق الي الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس فأجعل قلبك لا عقلك دليللك الرئيسي...  واجه , تحد , وتغلب في نهاية المطاف علي " النفس " بقلبك،إن معرفتك بنفسك ستقودك الي معرفة الله.

قاعدة أخري 

يتكون الفكر و الحب من مواد مختلفة  فالفكر يربط البشر في عقد لكن الحب يذيب جميع العقد. 
إن الفكر حذر علي الدوام وهو يقول ناصحا "احذر الكثير من النشوة" بينما الحب يقول "لا تكترث أقدم علي هذه المجازفة" وفي حين أن الفكر لا يمكن ان يتلاشي بسهولة، فان الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركاما من تلقاء نفسه لكن الكنوز تتواري بين الانقاض
والقلب الكسير يخبئ كنوزا.

قاعدة أخري
الوحدة والخلوة شيئان مختلفان , فعندما تكون وحيدا من السهل أن تخدع نفسك ويخيل اليك انك تسير علي الطريق القويم ،أما الخلوة فهي أفضل لنا لانها تعني انك تكون وحدك من دون ان تشعر انك وحيد، لكن في نهاية الامر , من الافضل لك ان تبحث عن شخص، شخص يكون بمثابة مرآة لك،تذكر انك لا تستطيع أن تري نفسك حقا ,الا في قلب شخص آخر وبوجود الله في داخلك

قاعدة أخري
إن السعي وراء الحب يغيرنا فما من أحد يسعي وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب حتي تبدأ أن تتغير من الداخل والخارج.


هذه مقتطفات، وهي غيض من فيض، فبحر ابن الرومي لا ساحل له، وكتاب أليف شفاق جدير بالقراءة و التمعن، أنصحك بقراءته بشدة واضع لك رابطا للتحميل أدناه.





التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

هناك تعليق واحد:

  1. كل بوست جديد يحمل فكره جديدة وجميلة
    الحب ياتى بالفطره قبل التعلم
    تحياتى

    ردحذف

back to top